أجاب:
د. علي جمعة
مفتي الديار المصرية
هناك بعض الأحاديث التي تحرم التعطر بالنسبة للنساء، وتقول إن عطر المرأة حرام كنوع من التبرج ولفت الانتباه وإثارة الشهوات، وقد سألت نساء وفتيات كثيرات: كيف تكون الرائحة الجميلة حراما والروائح الكريهة التي ستنبعث منها حتما دون العطر-خصوصا في فصل الصيف- هي الحلال؟
العطر نوعان: عطر مكتوم وعطر فوَّاح، وهذا العطر الفوّاح هو الذي عرفناه في عصورنا هذه من أجل وضع الكحوليات الطيّارة في البرفانات والعطور.. لكن العطر في ذاته يوجد منه عطر مكتوم يُذهب الرائحة الكريهة، لكنه لا يثير الشهوة، ولا يجعل المرأة وهي تمشي –كما نرى في الإعلانات- مثيرة.. فالقضية أن الذي حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح أبواب الفتنة، أبواب إثارة الشهوات؛ ففي ديننا حُرم الزنى، وما دام ديننا حَرم الزنى فقد حرم ما يؤدي إليه مثل: الخلوة بالمرأة، ولذا فُرض عليها الحجاب، وكذلك جعل الله للرجل عورة –ما بين السرة والركبة- يجب أن يسترها.، كل هذا من أجل أنه حرم الزنى فكانت هذه المنظومة.. غض البصر وحرمة الخلوة والحجاب والعطر وتنظيم الصلاة.. كلها منظومة واحدة، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى ينبهنا إلى هذه المنظومة الواحدة فيقول: {أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، لأنه سيذهب مراد الله في هذا التشريع؛ مراد الله من هذا التشريع أن تستقر الأسرة، وأن يستقيم النسب فيها، وأن يكون هناك أمن اجتماعي مبني على علامة سليمة رسمها لنا ربنا بين الرجل والمرأة، هذه العلامة ليس فيها قهر، ليس فيها تسلُّط، وإنما فيها مساواة، فيها تعاون، لقد خلق الله الرجل والمرأة من نفس واحدة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
للمرأة أن تتعطر لزوجها كيفما أرادت، بالطريقة التي تراها، أما إذا خرجت من البيت فلها أن تتعطر بالعطر المكتوم، الذي هو نادر الآن، فلو خرجت لا يشمها أحد، ولا تحدث الإثارة.. لأن القضية أننا لا نريد فتنة، وأن الحديث في تعطر المرأة صحيح، ولكن نحن لا نريد أيضاً أن تُشَمَّ من المرأة الرائحة الكريهة.. فنحن لا نريد هذا، كما لا نريد الإثارة الزائدة عن الحد، والتي أدت بنا في النهاية إلى هذا العري الفاضح في العالم، وإلى استغلال المرأة كأسوأ سلعة ممكنة في عالمنا اليوم.. نحن كرمنا المرأة وصُنّاها وأمرناها بالعفاف في نفسها وفي مجتمعها.. نحن نريد المرأة العفيفة الصالحة الحافظة لأمر الله سبحانه وتعالى ولا نريد مثل هذه التجارة الرخيصة التي نراها جميعاً ولا تخطئها عين..
عن ظهور زينة المرأة أمام الأخوال والأعمام لعدم ذكرهما في سورة النور "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ.." فهل يجب على المرأة أن تغطي شعرها أمام عمها وخالها؟ ومن الذين لا تستتر المرأة أمامهم؟ وما حدود العورة المباحة (أو المباح ظهورها) أمام المحارم من الرجال؟
لا تستتر المرأة على من لا يجوز لها أن تتزوجه أبداً من نسبها.. بمعنى أنها تنكشف على أبيها وابنها وأخيها.. ولها أن تنكشف على الزوج طيلة فترة العقد، فإذا انتهى العقد بالطلاق أو الخلع.. ينتهي انكشافها عليه والخال والعم والجد من الأب أو الأم والحفيد.. كل هؤلاء من المحارم الذين يجوز للمرأة أن تنكشف عليهم، ولها أن تكشف عن نفسها ما عدا العورة ما بين السرة والركبة.. لكن يمكن أن ترضع وليدها أمام أبيها، فتظهر ثديها أمامه، أو أمام ابنها أو عمها أو خالها.
وهناك أنواع أخرى من الرجال لا تكشف المرأة عن نفسها أمامهم، مثل: أخو الزوج، فيجب أن تكون المرأة محجبة أمام أخي زوجها، فهو غريب عنها؛ فمن الممكن لو طلقها زوجها أو مات عنها أن يتزوجها هذا الرجل، وكذلك بالنسبة للرجل، مثلاً عندما أرى زوجة عمي، يجب أن تحتجب عني؛ لأن زوجة عمي يجوز لي أن أتزوجها.
فزوجة خالي وزوجة عمي وأخت زوجتي كلهن أجنبيات عليّ. كذلك بالنسبة للمرأة.. أخو زوجها.. وابن أخي زوجي.. وابن أخت زوجها. هؤلاء أجانب غرباء عنها.. لأنه يجوز لهم الزواج بها لو طُلَّقَت.
فالتحريم المفهوم هو أنني لا يجوز لي أن أتزوج هذه المرأة أبدأً من النسب أما لو محرم أبدي من غير النسب، مثلاً اللعان، رجل لاعن زوجته، فهي محرمة عليه حرمة أبدية.. لكنها من غير النسب.. بسبب اللعان.. فهذا الرجل لا تكشف المرأة عن نفسها معه بعد اللعان.. رغم أنه محرم عليها حرمة أبدية.. لكنها ليست من النسب.. لكن حماتي أصبحت أمي، فيجوز لها أن تجلس معي مجلس أمي. وكذلك السيدة تجلس مع حميها (والد زوجها)؛ لأنه أصبح والدها.
إذن كل هذا مأخوذ من الكتاب والسنة.. ولا يجوز أن ننظر في الكتاب ونترك السنة.. ونقول: الخال ليس موجوداً في القرآن، ولا يجوز أن تظهر أمامه.. هذا لا يصح. فالسنة الصحيحة أكدت أن الخال والعم لا يجوز للمرأة أن تتزوج بأحدهما أبدأً.
وعلى ذلك فهم محرمون عليها من النسب.. فلا مانع أن تكشف عن نفسها أمامهم.
د. علي جمعة
مفتي الديار المصرية
هناك بعض الأحاديث التي تحرم التعطر بالنسبة للنساء، وتقول إن عطر المرأة حرام كنوع من التبرج ولفت الانتباه وإثارة الشهوات، وقد سألت نساء وفتيات كثيرات: كيف تكون الرائحة الجميلة حراما والروائح الكريهة التي ستنبعث منها حتما دون العطر-خصوصا في فصل الصيف- هي الحلال؟
العطر نوعان: عطر مكتوم وعطر فوَّاح، وهذا العطر الفوّاح هو الذي عرفناه في عصورنا هذه من أجل وضع الكحوليات الطيّارة في البرفانات والعطور.. لكن العطر في ذاته يوجد منه عطر مكتوم يُذهب الرائحة الكريهة، لكنه لا يثير الشهوة، ولا يجعل المرأة وهي تمشي –كما نرى في الإعلانات- مثيرة.. فالقضية أن الذي حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح أبواب الفتنة، أبواب إثارة الشهوات؛ ففي ديننا حُرم الزنى، وما دام ديننا حَرم الزنى فقد حرم ما يؤدي إليه مثل: الخلوة بالمرأة، ولذا فُرض عليها الحجاب، وكذلك جعل الله للرجل عورة –ما بين السرة والركبة- يجب أن يسترها.، كل هذا من أجل أنه حرم الزنى فكانت هذه المنظومة.. غض البصر وحرمة الخلوة والحجاب والعطر وتنظيم الصلاة.. كلها منظومة واحدة، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى ينبهنا إلى هذه المنظومة الواحدة فيقول: {أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}، لأنه سيذهب مراد الله في هذا التشريع؛ مراد الله من هذا التشريع أن تستقر الأسرة، وأن يستقيم النسب فيها، وأن يكون هناك أمن اجتماعي مبني على علامة سليمة رسمها لنا ربنا بين الرجل والمرأة، هذه العلامة ليس فيها قهر، ليس فيها تسلُّط، وإنما فيها مساواة، فيها تعاون، لقد خلق الله الرجل والمرأة من نفس واحدة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}
للمرأة أن تتعطر لزوجها كيفما أرادت، بالطريقة التي تراها، أما إذا خرجت من البيت فلها أن تتعطر بالعطر المكتوم، الذي هو نادر الآن، فلو خرجت لا يشمها أحد، ولا تحدث الإثارة.. لأن القضية أننا لا نريد فتنة، وأن الحديث في تعطر المرأة صحيح، ولكن نحن لا نريد أيضاً أن تُشَمَّ من المرأة الرائحة الكريهة.. فنحن لا نريد هذا، كما لا نريد الإثارة الزائدة عن الحد، والتي أدت بنا في النهاية إلى هذا العري الفاضح في العالم، وإلى استغلال المرأة كأسوأ سلعة ممكنة في عالمنا اليوم.. نحن كرمنا المرأة وصُنّاها وأمرناها بالعفاف في نفسها وفي مجتمعها.. نحن نريد المرأة العفيفة الصالحة الحافظة لأمر الله سبحانه وتعالى ولا نريد مثل هذه التجارة الرخيصة التي نراها جميعاً ولا تخطئها عين..
عن ظهور زينة المرأة أمام الأخوال والأعمام لعدم ذكرهما في سورة النور "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ.." فهل يجب على المرأة أن تغطي شعرها أمام عمها وخالها؟ ومن الذين لا تستتر المرأة أمامهم؟ وما حدود العورة المباحة (أو المباح ظهورها) أمام المحارم من الرجال؟
لا تستتر المرأة على من لا يجوز لها أن تتزوجه أبداً من نسبها.. بمعنى أنها تنكشف على أبيها وابنها وأخيها.. ولها أن تنكشف على الزوج طيلة فترة العقد، فإذا انتهى العقد بالطلاق أو الخلع.. ينتهي انكشافها عليه والخال والعم والجد من الأب أو الأم والحفيد.. كل هؤلاء من المحارم الذين يجوز للمرأة أن تنكشف عليهم، ولها أن تكشف عن نفسها ما عدا العورة ما بين السرة والركبة.. لكن يمكن أن ترضع وليدها أمام أبيها، فتظهر ثديها أمامه، أو أمام ابنها أو عمها أو خالها.
وهناك أنواع أخرى من الرجال لا تكشف المرأة عن نفسها أمامهم، مثل: أخو الزوج، فيجب أن تكون المرأة محجبة أمام أخي زوجها، فهو غريب عنها؛ فمن الممكن لو طلقها زوجها أو مات عنها أن يتزوجها هذا الرجل، وكذلك بالنسبة للرجل، مثلاً عندما أرى زوجة عمي، يجب أن تحتجب عني؛ لأن زوجة عمي يجوز لي أن أتزوجها.
فزوجة خالي وزوجة عمي وأخت زوجتي كلهن أجنبيات عليّ. كذلك بالنسبة للمرأة.. أخو زوجها.. وابن أخي زوجي.. وابن أخت زوجها. هؤلاء أجانب غرباء عنها.. لأنه يجوز لهم الزواج بها لو طُلَّقَت.
فالتحريم المفهوم هو أنني لا يجوز لي أن أتزوج هذه المرأة أبدأً من النسب أما لو محرم أبدي من غير النسب، مثلاً اللعان، رجل لاعن زوجته، فهي محرمة عليه حرمة أبدية.. لكنها من غير النسب.. بسبب اللعان.. فهذا الرجل لا تكشف المرأة عن نفسها معه بعد اللعان.. رغم أنه محرم عليها حرمة أبدية.. لكنها ليست من النسب.. لكن حماتي أصبحت أمي، فيجوز لها أن تجلس معي مجلس أمي. وكذلك السيدة تجلس مع حميها (والد زوجها)؛ لأنه أصبح والدها.
إذن كل هذا مأخوذ من الكتاب والسنة.. ولا يجوز أن ننظر في الكتاب ونترك السنة.. ونقول: الخال ليس موجوداً في القرآن، ولا يجوز أن تظهر أمامه.. هذا لا يصح. فالسنة الصحيحة أكدت أن الخال والعم لا يجوز للمرأة أن تتزوج بأحدهما أبدأً.
وعلى ذلك فهم محرمون عليها من النسب.. فلا مانع أن تكشف عن نفسها أمامهم.